سيناء ... القاعدة العسكرية الأمريكية

على وقع اﻷحداث اﻷخيرة والدامية في مصر، وبما أنها مصر، فمن الطبيعي جدا أن نرى هذا الكم الهائل من ردود اﻷفعال والتصريحات المستنكرة والمؤيدة لتدخل الجيش المصري في فض اعتصام رابعة العدوية، وبما أنها مصر كذلك فمن الطبيعي أيضا أن ينقسم المجتمع الدولي في سياساته تجاه مصر، فمنهم من يدعم الجيش في تدخله هذا ويراه من اﻷولويات التي يجب على الجيش بصفته المؤسسة الوطنية الضامنة للإستقرار ووحدة مصر.

لكن المفارقة اليوم هو ألا نجد للولايات المتحدة اﻷمريكية أي موقف واضح وصريح تجاه الأحداث، واكتفت بمواقف ضبابية وخجولة مقارنة بما تمثله مصر لأمريكا طوال عقود من الزمن، حيث كانت تعتبر الحليف اﻷستراتيجي والراعي اﻷول لمصالح أمريكا في منطقة الشرق اﻷوسط. فما هي اﻷستراتيجية السياسية لأمريكا حيال مصر. وهل صحيح ما يقال عن أمريكا أنها خسرت أهم حليف أستراتيجي على مستوى الشرق اﻷوسط.

لو نحاول قراءة ما حدث دوليا على الصعيد السياسي، خصوصا من اﻷطراف التي لها الثقل في التأثير المباشر على الواقع المصري، سواء كانت أطراف دولية أو عربية وإسلامية، أقصد بالذكر هنا العربية السعودية وجمهورية إيران اﻹسلامية اللذان أبديا مواقف متباينة من حيث الشكل والمضمون؛ العربية السعودية التي أيدت تدخل الجيش المصري ودخوله على الخط السياسي مبدية استعدادها التام لتقديم المساعدات له حتى يستطيع النهوض بمصر من جديد. هذا في الوقت الذي تواجه فيه مصر أشرس الضغوطات الدولية منذ عقود والتي وصلت حد غلق سفاراتها من عواصم كثيرة، إيران التي اكتفت بالتعبير عن أسفها تجاه ما سقط من دماء في ميداني رابعة العدوية. تركيا التي أدانت واستنكرت بشدة التدخل اﻹنقلابي للجيش كما وصفته على لسان رجب طيب أردوغان الذي طالب المجتمع الدولي بضرورة التدخل للجم هذا التدخل من طرف الجيش.

لكن الموقف اﻷمريكي الذي لم يتضح بعد حيال اﻷزمة المصرية، يظل دائما الموقف المهم واﻷهم على الصعيد الدبلوماسي، لكن عملاتيا أو على الواقع، فأكيد أنها تبحث في مصر عن وجود لها من جديد، وبشكل جديد يبقي الحماية لمصالحها ومصلحة إسرائيل في ظل واقع عربي جديد يسوده اﻹقتتال واﻹحتقان بين المسلمين فيما بينهم والمسلمين والمسيحيين. هذا الوجود اﻷمريكي والصهيوني لن تكون أرضيته وبيئته الحاضنة إلا في سيناء بصفتها تمثل أمن إسرائيل المباشر، لتكون بعد ذلك سيناء القاعدة العسكرية الأمريكية اﻷستراتيجية التي ترعى أمن إسرائيل.